الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال

تكرار اللفظ في القرآن الكريم:
جاء لفظ أوتاد في القرآن الكريم 3 مرات، اثنان مع فرعون
1- {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ} [ص: 12].
2- {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ} [الفجر: 10].
3- {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} [النبأ: 6، 7]
والمعنى اللغوي: الْأَوْتادِ جمع وتد، وهو ما غرز في الأرض من خشب، وهو عود غليظ مدبب، ووردت تفسيرات كثيرة للفظ:
التفسير الأول: أوتاد للعذاب: وهذا رجحه الطبري وغيره، روى الحاكم وهو صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ} [الفجر: 11] قَالَ: «وَتَدَ فِرْعَوْنَ لِامْرَأَتِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَى ظَهْرِهَا رَحًى عَظِيمًا حَتَّى مَاتَتْ»[1]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه "أَنَّ فِرْعَوْنَ، أَوْتَدَ لِامْرَأَتِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ فِي يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا، فَكَانَ إِذَا تَفَرَّقُوا عَنْهَا ظَلَّلَتْهَا الْمَلَائِكَةُ، فَقَالَتْ: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11]، فَكَشَفَ لَهَا عَنْ بَيْتِهَا فِي الْجَنَّةِ"[2].
التفسير الثاني: الأوتاد الجنود: بمعنى أن يكون الأوتاد هم الجنود الذين يشدُّون أزر فرعون كما تفعل الأوتاد للخيمة، وهو تعبير عربي، ويتوافق مع ما جاء في سورة البروج: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ} [البروج: 17، 18]، وقيل الجنود تكون لهم خيام كثيرة في المعسكرات.
التفسير الثالث: تثبيت الملك: وهو قريب من السابق، ويعني أن ملكه ثابت كالخيمة المثبتة بالأوتاد؛ كقول الأسود بن يعفر: في ظل ملك ثابت الأوتاد.
التفسير الرابع: الأبنية الحجرية التي تشبه الوتد: مثل (الأهرامات، والمسلات) وهذا مقبول جدًّا خاصة أن الحديث هنا عن قوة فرعون، فناسب إبراز هذه العظمة، وأيضًا للتناسق مع تقطيع ثمود للصخر، وبناء عاد للأعمدة، كذلك لبقاء هذه الأهرامات والمسلات شاهدة على قوة الفراعنة، وكيف بطش الله بهم، وأضيف أيضًا أن ورود الأوتاد في وصف الجبال في القرآن {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}، يشير إلى احتمال استخدامها هنا في أمور صخرية كالجبال، وهناك تفسيران آخران أستبعدهما:
التفسير الخامس: أورده الماوردي: ذو الأوتاد لكثرة نخله وشجره (ليس من المعتاد عند العرب وصف النخل أو الشجر بالأوتاد، وكذا وُصِفت الأشجار في القرآن بصفات أخرى دالة على العظمة مثل قوله في حقِّ فرعون ذاته: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الشعراء: 57].
التفسير السادس: وقد نُسِب لابن عباس وقتادة: كان له أوتاد يلعب عليها الرجال بين يديه وهو مشرف عليهم، وليس هذا من صور العظمة التي يوصف بها فرعون[3].
[1] الحاكم (3929)، وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
[2] أبو يعلى (6431)، وقال حسين سليم أسد: إسناده صحيح. وقال الهيثمي: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (9/ 218). وصححه الألباني، انظر: السلسلة الصحيحة (2508).
[3] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك